مأساة الجامعيين في الوطن العربي

مأساة الجامعيين في الوطن العربي



من الجميل أن يكون لدينا في الوطن العربي الكبير الآلاف من الجامعيين والجامعيات ولكن الأجمل من هذا هو أن نصفهم يعمل في وظائف حقيرة والنصف الآخر عاطل عن العمل !



من الغريب فعلاً أن ترى صفحات الجرائد تعلن عن العشرات من الوظائف الحكومية التي تحتاج إلى من يشغلها من ذوي الشهادات الجامعية ولكن الأغرب من هذا هو أن آلاف الطلبات يتقدم بها خريجو الجامعات ولكن في نهاية المطاف يتم تعيين إنسان قد يكون في عداد الجهلة ولا تنطبق عليه أي من الشروط الموضوعة وذلك بسبب الواسطات والمحسوبيات أو بسبب عدم ملائمة الوظيفة لخريج جامعة وهذا هو منتهــــــى الجهل والتخلف !!



حتى تحصل على وظيفة يجب أن تكون لديك ( واسطة قوية ) أو أن تحقق الشروط المطلوبة وهي القدرة على استخدام الكمبيوتر ووجود خبرة لا تقل عن عشرة سنوات بالإضافة إلى شهادات الخبرة والتدريب والعمر المناسب والشكل المقبول و.... أمور كثيرة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى تبدأ بالنصيب وتنتهي بالواسطة !!



من الأمور الرائعة في الوطن العربي هو أن يتم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ولذلك يعمل المهندس سائقاً للأوتوبيس ويعمل المحامي في أحد المخابز الحديثة بينما يحصل خريج الإدارة والاقتصاد على وظيفة مرموقة في أحد مطاعم الوجبات السريعة !!



نحن أمــــة تقدر العلم والعلماء وتحترم الأدباء والفنانين ومن شدة احترامنا للعلماء العرب فإننا نقوم بتطفيشهم إلى الخارج ليزدادوا علماً وإنتاجاً كما أن الأدباء العرب يتسولون على الأرصفة لأنه لا يأبه لخرافاتهم أحد وهذه المعاناة تجعلهم أكثر إبداعاً لأن المعاناة هي التي تصنع العظماء ، كما أننا نمجد الفنانات العربيات ولذلك ترى أغلب وسائل الإعلام العربي لا حديث ولا لقاء فيها إلا عن الفنانات العربيات !!



أصبح أبناؤنا في المراحل الدراسية الدنيا بدءاً من الابتدائية وانتهاء بمرحلة الثانوية العامة لا يعيرون التعليم اهتماماً ولا يفكرون في مستقبلهم الوظيفي ولا .. ولا ... وذلك لأنهم يعلمون جيداً أنه في حال تخرجهم من الثانوية العامة لن يجدوا من يصرف عليهم أو يقبلهم في الجامعة ويعلمون جيداً أنهم إذا تخرجوا من الجامعة لن يجدوا وظيفة تناسبهم وسيبقى كل واحد منهم عاطلاً عن العمل حتى يحدث الله أمراً كان مفعولا !



من الجميل أن ترى الجامعي يعمل في غسيل السيارات بينما ترى الأمي في منصب رئيس قسم أو حتى وكيل وزارة !



تستطيع الشهادة الجامعية في الوطن العربي أن تؤهلك للتقدم على وظائف تتناسب ومكانتك العلمية لكنها لا تستطيع أن تجعلك تحصل عليها ... للحصول على وظيفة هناك أشياء أكبر من مجرد الحصول على شهادة جامعية !!



في الماضي كانت شهادة الابتدائي تؤهلك للعمل ككاتب في أحد الدوائر الحكومية ، والآن الكثير من حاملي شهادة الماجستير عاطلون عن العمل !!



يعتقد الكثير من المسؤولين أن الجامعي إنسان يعرف كل شيء ويقرأ كل شيء ومتخصص في كل شيء ولذلك يرفضون توظيفه في أي شيء !!



يحصل الموظف الجامعي على راتب زهيد لا يكاد يكفي طعامه ومسكنه بينما تتنغنغ راقصة جاهلة لا تعرف القراءة والكتابة في بحور من العز والرفاهية ... لماذا لا يتجه الجامعيون إلى العمل كرقاصات ؟؟!



الفتاة الجامعية غير مرغوبة لدى الكثير من الشباب كزوجة لأنها مغرورة ومتعجرفة وتردد دائماً أنها لابد أن ترتبط بزوج يساويها في المستوى الفكري والثقافي مع أن أغلب الشباب العرب لم يحصلوا على شهادات جامعية وأكثرهم منخرطون في السلك العسكري !



يستطيع الجامعي أن يكتب بحث ويعد تقرير ويحل مسألة رياضية ويرسم خريطة ويستطيع الجامعي أن يناقش بأسلوب علمي مهذب ويستطيع أن يقدم آرائه ومعتقداته ويرفق معها الأدلة والبراهين المنطقية ... ولكن للأسف لا يستطيع الشاب الجامعي العربي أن يحصل على وظيفة يقتنع بها ويبدع من خلالها !!



إنني أعلم جيداً أننا إذا قدمنا استبياناً إلى الشباب الجامعيين العرب لنعرف مدى رضاهم عن الوظيفة التي يعملون خلالها سترى أن 99% منهم غير راضين عن وظائفهم التي يعملون بها ... هل تعرفون لماذا ؟ لأنهم في الأصل عاطلون عن العمل !



متى سيتطور الوطن العربي إذا كان فيه آلاف الجامعات وملايين الطلاب ومليارات الاستثمارات في قطاع التعليم والمحصلة في النهاية هي توظيف 10% فقط من خريجي الجامعات ؟!؟